اعترافات مواطنة ترقص على الاحزان




لا بد لي هنا أن أسجل اعترافاً "مُخزياً وادعوا الله أن لا يقرأه الكثير، فأنا كمواطنة عربية أصرح دوماً ان بلاد العرب أوطاني، وأني أحزن لمصائب فلسطين وسوريا والعراق وبقية الدول العربية، ويعتصر قلبي آلماً لما تتعرض له الشعوب العربية.

هذا التصريح الذي لا يمكن أن تمر حادثة أو جريمة تصيب إحدى الدول العربية الا وتراني أصدح به وأرسم الحزن على وجهي واشجب واستنكر وارفع يدي بالدعاء على كل طاغية والدعاء للشعوب العربية جميعاً.

لكني في المقابل وبتحول 180 درجة تجدني أهلل وأفرح وأغني ابتهاجاً أثناء متابعتي إحدى برامج المسابقات الغنائية والترفيهية، واتفاعل لدرجة أن من رآني وأنا أشجب وأدين سيعتقد أن جميع الهموم العربية قد حُلت وعم السلام ومات جميع الطغاة.

ولا يتوقف الأمر هنا فانا على استعداد لسب وشتم لجنة الحكم لو لم تنصف المتسابق الذي أفضلة واستطيع أن اكتشف نظرية المؤامرة التي تتم من قبلهم على متسابقي المفضل.

 وحتى وأنا في قمة انسجامي مع البرنامج وبقدرة عجيبة تجدني أستنكر وأتسائل عند مشاركة أي متسابق أو متسابقة من إحدى الدول التي تمر بأزمة :" كيف باستطاعتهم المشاركة والغناء في هذا البرنامج والدماء تسيل في بلدهم؟وكيف لتلك الفنانة وهذا الفنان أن يشارك بأحد اللقاءات التلفزيونية ويضحك "عادي"؟ .

وكأني وبكل انانية أُحرم على غيري ما أستبيحه لنفسي بحجة أنني " لا " أنتمي لنفس البلد العربي الذي يعيش الأزمة،  كاسرة بعرض الحائط انتمائي العربي ، مُعلنة ولو بشكل غير صريح أنه "لا" بلاد العرب اوطاني ولستُ احزن ولا أعشق سوى نفسي.

فأنا أيضاً وبكل أنانية مفرطة أتجنب مشاهدة القنوات الإخبارية بحجة "أن قلبي الصغير لا يتحمل" مناظر القتل والدم التي يعيشها إخوتي في الوطن العربي، لكن هذا القلب "الصغير أيضاً" باستطاعته الرقص والغناء على أحزانهم.

 وادون اعترافي هذا في جلسة "محاسبة للنفس" هذه التي قلما اعيشها، او بصراحة حتى تكون هذه المحاسبة حقيقية أنا مضطرة لشطب كلمة قلما والاعتراف انها "المحاسبة اليتيمة"،التي سأعترف بها بإزدواجيتي وانفصامي بل سأعترف لكم بما هو أكبر.

أعترف أنا المواطنة العربية صاحبة هذه الكلمات ان بداخلي ديكتاتور صغير لا يحب سوى نفسه، لا يستطيع مشاركة غيره حزنهم  بحجة " الحساسية المفرطة" لكنه وبحرفية عالية قادر على الرقص على أحزانهم والسلطنة على انغام أوجاعهم.

وأخيراً أعتقد أني قسوت على نفسي كثيراً وأطلت في " محاسبتي لنفسي" لهذا سأتوقف عند هذا الحد وأُنهي هذه الجلسة فقد بدأ للتو برنامج المسابقات الغنائي الذي اتابعه،  وأعدكم أني سأصوت لأحد المتسابقين الذي تعاني بلده تضامناً مني معه .. رجاءاً اكتموا سري.

نورا العزوني


 
Design by Free Wordpress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Templates | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة